ابحث عن

Saved articles

You have not yet added any article to your bookmarks!

Browse articles



ما سنتطرق إليه ليس بهدف الهجوم على أي مرشح, بل من باب الحرص على مستقبل بلداتنا وناسها.

فالترشح للعمل البلدي أو الاختياري هو حق لكل مواطن , لكن الأهم من الحق, هو النوايا الصافية, والكفاءة, والاستعداد لتحمّل المسؤولية.

نحن نحترم كل من يضع نفسه بخدمة الناس,  

لكننا نأمل أن يكون الترشح بدافع العمل لا رد الفعل كما هو حاصل في بعض البلدات اللبنانية لاسيما البقاعية, كما يجب أن يكون الدافع انمائي وليس من اجل النكايات والمشاكل العائلية أو النوايا المبيتة لدى بعض الاشخاص.

فكم من المخاتير ورؤساء البلديات استحقوا رفع القبعة لهم على تفانيهم وسعيهم من أجل بلدتاهم وناسها والعكس صحيح.

فمن يريد الإقدام على هذه المناصب عليه رفع اسم البلدة اولاً, لا رفع الصوت أو الاسم الشخصي فقط. بلداتنا بحاجة لاشخاص تعلم كيف تصل الليل بالنهار من اجل خدمة الناس, وليس لاستثمار المنصب من أجل مجد شخصي أو ظهور إعلامي, فالتغيير يبدأ بالاختيار الصح.

هل نحن اليوم امام ظاهرة السعي وراء الشهرة على حساب العمل البلدي الحقيقي؟

لوحظ مؤخرا انتشار ظاهرة تسعى الى الشهرة لا وراء الإنماء, وهذه العادة مقلقة في الحياة البلدية والاختيارية, حيث باتت بعض الشخصيات المحلية تركّز على الظهور والبروباغندا أكثر من التركيز على هموم الناس الفعلية, فلم نعد نرى المخاتير أو أعضاء المجالس البلدية في الشوارع وبين الناس كما في السابق, بل أضحينا نراهم أمام الكاميرات, في صور مصمّمة بعناية, وخلف شعارات منمّقة لا تُطعم جائعًا ولا تُضيء شارعًا, والمبادرات أصبحت خجولة لا لحلّ أزمة, بل لجمع الإعجابات والتعليقات وكأنّ المنصب بات بوابة لعبور الشهرة بدل أن يكون مسؤولية لخدمة المصلحة العامة, والخطير في هذه الظاهرة أنها تخلق وهم الإنجاز, فالناس المتعطشة لأي بادرة أمل, قد تنخدع بالبريق الإعلامي, دون أن تسأل عن المشاريع الفعلية والصيانة والبنى التحتية, مع أن المواطن يحتاج الإنماء الحقيقي.

منصب المختار أو العضو البلدي لم يكن يومًا وظيفة استعراضية, بل كان دوماً تكليف ومسؤولية, ويتطلّب وجودًا فعليًا بين الناس, وعملاً يوميًا متواصلًا, وقرارات تلامس حياة الأهالي واحتياجاتهم.

لذا نجد أنفسنا اليوم أمام مفترق طرق, فإما أن نُعيد الهيبة لمعنى العمل البلدي الحقيقي, ونختار من يعمل بصمت ويبني بخطوات, أو نغرق في عالم من الصور والبوستات, حيث يلمع الوهج وتغيب النتائج. فالشهرة لا تبني بلدة, والمختار أو البلدي الناجح, هو من تراه في ورشة العمل, لا في ورشة التصوير.

كما أن الترشح لهذه المناصب مسؤولية, ومَن يقدِم عليها يجب أن يكون مؤهلًا, صاحب مشروع, ومُدركًا أنه يُقبل على خدمة لا على وجاهة.

فالبلديات والمخاتير في النهاية هم خط الدفاع الأول عن الناس في حياتهم اليومية, من النفايات إلى الإنارة والطرقات إلى الساحات العامة. ومن لا يملك القدرة على الإدارة أو الرؤية, سيُغرق الناس في مزيد من العجز, كما نعود ونؤكد أن الترشّح ليس نكاية ولا وجاهة بل تكليف ومسؤولية, بالإضافة الى أنه تكليف وليست تشريف.  

لذا إلى من كل من يفكر بالترشح يجب ان يكون لديك رؤية واضحة, وخبرة, وإرادة حقيقية للخدمة, لا طموح شخصي أو رد فعل على خلاف عائلي أو سياسي.

كفانا تشرذم واشكالات داخل العائلة الواحدة والبلدة الواحدة, فليكن هذا المنصب لمن هو مؤهل بالفعل ويحمل تلك المواصفات التي أشرنا إليها اعلاه, ولنحافظ على توحيد العائلات في ظل هذه الظروف التي تلم بالبلد لا أن نسعى إلى شرذمتها, كما هو معلوم فإن كثرة "الطباخين تحرق الطبخة", وهذا المثال يختصر بدقّة واقع البلديات أحيانًا, خاصة عند تشرذم الفرق, وتعدّد الآراء بلا تنسيق, وتكاثر الأسماء بلا خطة موحّدة, وهذا الأمر في العمل البلدي, قد يحرق بلدة بأكملها. التعددية مطلوبة, والآراء المتنوعة ضرورة, لكن غياب التنسيق والرؤية الواحدة يحوّل كل اجتماع إلى بازار, وكل قرار إلى موضع خلاف.

وتمامًا كما في المطبخ, الطبخة الناجحة تحتاج إلى "شيف واحد أو فريق متفاهم, لا الى فوضى من النكهات".

لذا في البلديات, النجاح ليس بعدد الأسماء, بل بقدرتهم على العمل الجماعي و الانسجام, وتقديم مصلحة البلدة فوق الحسابات الشخصية, فالبلدة أو المدينة ليست حقل تجارب, ولا منصة استعراض, والطبخة البلدية الناجحة تبدأ من فريق يعرف مَن يقطّع ومَن يطهى ومتى يُقدَّم الطبق.

رصد نيوز 

 

مقالات ذات صلة