هل ما زالت الفرصة أمام فرنجيّة مُتاحة؟
سياسة |
السبت ٢٧ حزيران ٢٠٢٤
مِن الواضح أن جميع القوى السياسية تَعتبر من خلال آدائها أنها لا زالت في بداية المعركة الرئاسية لذا تتمترس وراء موقفها وتجمع أوراقها، منتظرة أن تُرجِّح تطورات الأيام القادمة الكَفّة باتجاهها قبل أن تُبدي استعدادها لتعديل موقفها..
فعلياً، تَبني الأطراف حساباتها في إدارة معركتها الرئاسية كلٌّ بحسب موقعه ووزنه على الساحة اللبنانية، فمنهم من يُراهن على الوقت والمتغيّرات ومنهم مَن ينتظر كلمة السر الخارجية لتحديد موقفه، وهكذا تسير الأمور بين الداخل والخارج..
لم تُحقِّق الجلسة النيابية الأخيرة سوى تثبيت الواقع الرئاسي الحالي دون حصول أي تغيير يُحدِث تقدُّم ما في المشهد، لذا انتظر الجميع اللقاء الفرنسي السعودي وما سيُنتِج عنه علّه يُحدِث خرقاً ما في الجمود الحاصل، فأتت زيارة الموفد الفرنسي جان إيف لودريان في سياق إستكشافي لمواقف جميع الفرقاء لناحية إذا كان هناك إمكانية للذهاب الى خيار جديد، ما يعني أيضاً أن المواقف الخارجية لا زالت على حالها تنتظر شيئاً ما وتحديداً السعودية بعد أن قلبت سياستها في المنطقة وأخذت قرارها النهائي بتصفير مشاكلها مع القوى الأساسية فاتفقت مع إيران وسوريا، اذ يسعى بن سلمان للتعويض بالإقتصاد، أي استغلال القوة السعودية في الإقتصاد، فهو يُحاول بناء منظومة إقتصادية داخلية وصولاً لتحويل المملكة لقوة إقتصادية كبرى. فلتحقيق هذا الهدف تسير الرياض تدريجياً في ملفات المنطقة وفق أولوياتها الى أن تصل الى لبنان الذي ينتظر بعض مكوّناته موقفها الحاسم تجاه ملف رئاسة الجمهورية، لكن بما أن وقته لم يأتِ بعد بالنسبة لها فهي تجد نفسها غير مضطرة للدخول مباشرة وعلناً بالسجال الحاصل في الداخل باعتبار أن القوى تقوم بالمهمة، لذا في الجلسة الأخيرة أوعزت للنواب السُنة تحديداً بالمشاركة وليس بالتصويت لإسم، وهذا مرتبط بعدم تحديد موقفها حتى الآن، لكن رغم الضبابية الموجودة هي حريصة على عدم إرسال إشارات سلبية لحزب الله لأن من البديهي أن بعد تلاقيها مع ايران وسوريا ستصل الأمور في المرحلة المقبلة الى حزب الله بما يمثله من قوة أساسية في المنطقة، ما يعني أن سبب الرفض لرئيس تيار المردة سليمان فرنجية سيزول.
الموقف الخارجي لا يقف على المملكة فقط، فحتى الدول الخمس المؤثّرة في الملف، غير مُتفقة فيما بينها على مُرشَّح، والى حين اتفاقها، على ما يبدو ستبقى الأمور عالقة في الداخل وأفقها مسدود الى أن يحدث خرق إقليمي دولي يستطيع أن يُغيِّر المشهد الداخلي.
صحيح أن هناك قوى داخلية لا تنتظر إشارة خارجية لكن إذا تمت التسوية هل تستطيع أن تكون خارجها!! كالتيار الوطني الحر الذي يُعتبر رأيه مفصليا في هذه المعركة والذي لا زال على رفضه رغم الرسائل الإيجابية التي يُوَجِّهها رئيسه لحزب الله، فباسيل قدّم في مقابلته الأخيرة خطاباً عقلانياً مع الحفاظ على ثوابته، لكن الحزب ما يعنيه مضمون الكلام والموقف الذي لم يتغيّر، خاصة وأن حزب الله يَعتبر بعد جلسة ١٤ حزيران أن فرصة المجيء بفرنجية رئيساً للجمهورية ما زالت متاحة، ما يُفسَّر أنه طالما هناك فرصة لرئيس تيار المردة يعني أنه لا يوجد إمكانية للحديث عن خيار ثالث، فالمعركة لا زالت في بدايتها والجميع يضع أوراقه على طاولة الرئاسة، لكن وفقاً للمعطيات والتطورات المقبلة ستصل الأمور الى مكان يتمكّن أحد الطرفين من إقناع الآخر، خاصة وأن كُلاًّ منهما يريد الحفاظ على الاخر، فعندما تدق ساعة اللقاء والحوار الرئاسي بينهما، تتضح الأمور في أي اتجاه ستسير وتُحدَّد حينها الخيارات وبالأخص عند باسيل الذي ينتظر مبادرة حزب الله تجاهه، باعتبار أن أفكاره تحكمه وتُبقيه في موقعه القديم الى جانبهم، خاصة وأنه يعلم أن الحزب لن يكسره ويريد الحفاظ عليه..
إذاً، في ظل استمرار جمود المواقف يُنتظر أن تُحرِّكها التطورات والظروف السياسية، وبما أن الإنقسام طال القوى الخارجية والداخلية معاً، وبما أن في الداخل هناك مَن يربط موقفه بمرجعيته، فإن أي تطور خارجي سيؤثر حتماً على الداخل، عندها فقط سنرى كيف يتغيّر المشهد الرئاسي..