الراعي في عظة الأحد: الفوزُ في الانتخاباتِ ليس نهايةَ النضالِ بل بدايتَه
سياسة |
السبت ٢٧ أيار ٢٠٢٤
وتابع، “نشكر الله على أنّ اللبنانيّين اقترعوا واختاروا مجلِساً نيابيّاً جديداً يُمثِّلُ مختلفَ الاتّجاهاتِ السياسيّةِ الموجودةِ في لبنان وبلاد الانتشار. فأدّت هذه الانتخاباتُ، إلى مُناخٍ وطنيٍّ جديدٍ أعطى المواطنين جُرعةَ أملٍ بحصولِ تغييرٍ إيجابيٍّ ووطنيٍّ من شأنِه أن يُشجِّعَ المجتمعَ الدُوليَّ، بما فيه العربيّ، على مساعدةِ لبنان جِدّياً، لا رمزيّاً، على الخروجِ من ضائقتِه الاقتصاديّةِ ومن أزْمتِه الوجوديّة”.
وأضاف، “ولكن ما لَفَتنا وأَلمنا هو أن تَندلِعَ، غداةَ إعلانِ نتائج الانتخابات، اضطراباتٌ أمنيّةٌ، وأن تعودَ أزمةُ المحروقات، ويَنقطِعَ الخبزُ، وتُفقَدَ الأدويةُ، وتَرتفع الأسعار، ويَتمَّ التلاعبُ بالليرةِ والدولار؟ ألم يكن من المفتَرضِ أن يحصُلَ عكسَ ذلك فيَتأمّنُ ما كان مفقودًا ويَرخُصُ ما كان غاليًا؟ إن هذا التطوّرَ المشبوه يؤكّدُ مرّةً أخرى إنَّ هناك من يُريد تعطيلَ واقعَ التغييرِ النيابيٍّ وحركةَ التغييرِ السياسيِّ، والانقلابَ على نتائجِ الانتخاباتِ والهيمنةِ على الاستحقاقاتِ الآتية. إننا نرفض هذا الأمر وندعو جميعَ المسؤولين والقادة إلى تحمل المسؤوليّة وندعو الشعب إلى التصدي له”.
واعتبر أن “وإذ كنّا نتوقّع أن يبدأ التغيير بإصلاح أداء بعض القضاة، والالتزام بأصول المحاكمات، بحيث تتوقّف “فبركة” الملفات ولصق “تهمة” التعاون مع العدوّ، والتوقيف ظلمًا وتشفّيًا لأسباب سياسيّة وحزبيّة. وقد زارنا مساء أمس عدد غفير من المستنكرين الرافضين توقيف السيّد طوني خوري لدى المحكمة العسكريّة منذ أسبوعين لسبب لا يستحقّ هذا الإجراء. فإنّنا نطلب من السلطات القضائيّة المعنية رفع الظلم والتقيّد بالأصول القضائيّة، لئلا يتحوّل نظامُنا الديمقراطيّ إلى نظام قمعيّ توتاليتاريّ واستبداديّ. فيا حبّذا لو يقوم القضاء بواجباته بشأن تفجير مرفأ بيروت، وتجاه الذين نهبوا المال العام وأفلسوا الدولة، وزجّونا في العتمة، والذين يخزّنون الأدوية ويتلاعبون بالدولار ويحطّون من قيمة الليرة اللبنانيّة. لكنّ هؤلاء، وبكلّ أسف، محميّون من النافذين المستفيدين. فيا للعار!”.
وأردف، “ويجدر القول، إن قيمةَ القِوى الفائزةِ بالأكثريّةِ ليست بعددِ نوّابِها، بل بقُدرتِها على تشكيلِ كُتلٍ نيابيّةٍ متجانِسةٍ ومتَّحدةٍ ومتعدّدةِ الطوائف حولَ مبادئ السيادةِ والاستقلال والِحياد واللامركزيّة. على أن تصبح هذه المبادئ الوطنيّةَ نقاط تلاقٍ يُجمِعُ عليها جميعُ النوّاب لأنّها ثوابتُ لبنانيّةٌ تاريخيّةٌ ومٌرتكزاتُ الهُويّةِ اللبنانيّةِ ومنطَلقُ أيِّ تغييرٍ تقدميّ يشمل مختلِف قطاعاتِ حياتِنا الوطنيّةِ والاجتماعيّةِ والاقتصاديّة، ويشكّل حركةً وطنيّةً وحضاريّةً”.
وقال، إنَّ “انتخابَ مجلسٍ نيابٍّي جديدٍ هو بَدءُ مرحلةٍ مصيريّةٍ يتوقف عليها مُستقبلُ لبنان وشكلُ الدولةِ اللبنانية. فنحن أمام استحقاقاتٍ تبدأ بانتخابِ رئيسٍ للمجلسِ النيابيِّ الجديد على أسُسِ الدستورِ والميثاق، وتَـمرُّ بتأليفِ حكومةٍ وطنيّةٍ على أسُسِ التفاهمِ المسبَقِ على المبادئ والخِيارات والإصلاحات فلا تَتعطّل من الداخل، ثمّ تَصل إلى انتخابِ رئيسٍ جديدٍ للجُمهورية على أسُسِ الأخلاقِ والكفاءةِ والتجرّدِ والشجاعةِ والموقِفِ الوطنيّ”.
وأضاف، “ليس الفوزُ في الانتخاباتِ النيابيّةِ نهايةَ النضالِ بل بدايتَه. لذلك ندعو جميعَ المواطنين، لاسيّما أولئك المؤمنين بالتغييرِ الإيجابيِّ وبالسيادةِ الوطنيّةِ وبوِحدةِ السلاحِ وبالحيادِ وباللامركزيّةِ إلى اليقظةِ والاستعدادِ لمواجهةِ الالتفافِ على الإرادةِ الشعبيّةِ حتى لا يَضيعَ صوتُ الشعبِ الصارخ في وجهِ المصالح السياسيّةِ والتسوياتِ والمساوماتِ وتقاسم المناصب على حسابِ المبادئ.”.
وتابع، “فيما نرفع صلاة الشكر لله على إجراء الانتخابات النيابيّة، نسأله تعالى أن يقود ذوي الإرادات الحسنة إلى استكمال هذه المرحلة الدستوريّة بتأليف حكومة جديدة تتولّى مسؤوليّاتها العديدة والضروريّة لكي تستعيد البلاد حيويّتها الاقتصادية والماليّة والاجتماعية. فنرفع المجد والتسبيح للثالوث القدّوس، الآب والابن والروح القدس، الآن وإلى الأبد، آمين”.